العنف فى المجتمع المصري
الفعل ورد الفعل
أو
العنف الرمزي والعنف الكامن
تعليق على ماحدث فى وسط البلد
من ذاكرة العنف الجمعي
صور من العنف الكامن
عدسة خان الخليلي
انتاج العنف فى المجتمع المصري تحكمه آليات مركبة. كما ان هناك انواع متعددة من العنف منها ما هو ظاهر ومباشر مثل العنف الذي تمارسه الدولة عبر اجهزتها الامنية وغير الامنية، ومنها ماهو رمزي يمارس يوميا عبر وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية، ويحتل موقع الصدارة فى مارسة العنف الرمزي التلفزيون بقنواته الفضائية والارضية المختلفة. لكن تحليل ظاهرةالعنف السياسي الإجتماعي يندرج تحت ما يعرف بالدراسات المتعددة المجالات حيث ان ظاهرة العنف لها ابعاد مختلفة لا يمكن فهمها او تحليلها دون تناول هذه الابعاد سواء كانت سياسية أو اقتصادية أومجتمعية الخ، بالاضافة الى طبيعة هذا العنف من حيث كونه عنفا فرديا او جماعبا تقوم به مجموعات أو شرائح اجتماعية معينة. كل هذه الافكار عادت الى الذهن بمناسبة ما شهدته القاهرة خلال اول وثاني ايام عيد الفطر الماضي فى منطقة <<وسط البلد>>. لقد قدمت خان الخليلي فى معالجة سابقة تحليلا لظاهرة العنف السياسي
الاجتماعي فى مصر كما تناولت الآليات المرتبطة بهذه الظاهرة فيما يعرف بدورة التراكم والانفجار فى المجتمع المصري .
واليوم نعود لتناول هذه الظاهرة بمناسبة ما حدث فى وسط البلد <<بالمناسبة هذا اسم برنامج من برامج العنف الرمزي الذي يمارسه التلفزيون بإنتظام على المجتمع المصري !>>.1
ما حدث اول وثاني ايام عيد الفطر فى وسط البلد ليس مجرد هوجة مراهقين او حدث عارض، الامر لمن يهمه الأمر فى مصر بالغ الخطورة. ماحدث ليس اكثر من فقاعات تسربت من فتحة على سطح البركان الكامن فى اعماق المجتمع المصري. وكما تقذف البراكين بحمم صغيرة بين وقت وآخر قبل ان يستجمع البركان كل قوته وينطلق الى عنان السماء وفى كل الاتجاهات، فإن الانفجارات الاجتماعية والسياسية الكبرى لاتختلف كثيرا عن البراكين فى هذا الصدد. أحداث ذات مغزى تقع بين وقت وآخر لكنها ليست مثل الاحداث اليومية العادية. وما حدث فى وسط القاهرة واحد من هذه الاحداث كثيفة المعنى والمغزى. الرسالة واضحة لاتحتاج الى ذكاء خارق لفك شفرتها وبإستثناء اقلام قليلة كتبت فى صميم الموضوع بفهم وحرص مصحوب بالتنبيه لما هو قادم، فإن معظم الكتابات الصحفية خصوصا الرسمية منها كانت تدور فى دوائر العقم وعدم الإمكان مستغرقة فى معارك سفيهة وتصفية حسابات بين شلل طفت على السطح دون مسوغات تبرر لها ان تحتل ما تحتله من مواقع إلا انها جزء عضوي من بنية وآلية العنف الرمزي الذي تمارسه الدولة، لكن الجميع ربما يدرك ان ماتحت السطح هائل بل ويثير الرعب. العنف الكامن اخطر من العنف الظاهر الذي يحتكره من يتولون مقاليد الامور. العنف الرمزي اليومي باشكاله المتنوعة اقتصادية وثقافية ومجتمعية الخ، هو بمثابة الفعل الذي يؤدي بالضرورة الى رد الفعل، لكن رد الفعل ليس له شكل محدد، الجزء الاكبر من طاقة رد الفعل يراكم لكنه لايتبدد وفقا لقانون الطاقة الشهير. ومع كل استكمال لدورة من التراكم يحين وقت الإنفجار ولقد شهد المجتمع المصري هذه الدورات من التراكم والانفجار
فى اعوام 1968 و 1972 و73 واستمرت الدورة فى يناير 1977 ، احداث سبتمبر واغتيال السادات فى اكتوبر 81 ، تمرد قوات الامن المركزي ثم سلسلة احداث العنف المسلح والاغتيالات خلال سنوات التسعينيات، ثم دورتي العنف الاخيرتين اثناء انتخابات البرلمان الاخيرتين، والآن نرى مقدمات الانفجار القادم وبدأت حممه تخرج من تحت سطح البركان ولا يمكن لأي مراقب مدقق لما يحدث فى المجتمع المصري ان لايرى كل هذه المؤشرات التى تواترت خلال هذا العام ونهاية العام الماضي دون ان يتساءل ليس عن حدوث أو عدم حدوث الانفجار الاجتماعي المرتقب، لكن عن وقت وشكل هذا الانفجار .1
كان من المفترض ان نستانف معالجة موضوع النخب المصرية، لكن ماحدث اخيرا يستدعى بعض التحليل والتأمل وعلى اي حال فهو يمس بقدر ما موضوع النخب ايضا لكن بشكل غير مباشر
.
الى اللقاء قريبا لنحاول معا فهم ما يحدث فى مصر الآن