KHAN ELKHALILI

dimanche, février 21, 2010

فبراير فى التاريخ المصري من 1946 الى 2010

أحداث فبراير

أو

ابستمولوچيا التاريخ المصري

عن

التاريخ والتأريخ وفلسفة التاريخ

بداية ليست هذه دراسة أو بحث انما هى مجرد تأملات فكرية فى ظاهرة تاريخية تمثل مايمكن ان نطلق عليه اسم المصادفة الموضوعية فى فلسفة التاريخ. سنحاول فهم هذه الظاهرة التى سنطلق عليها اختصارا اسم فبراير المصري وسنقتصر فى معالجة أو تناول هذه الظاهرة على ثلاثة أحداث تاريخية تجسد حيوية الوعي الجمعي للشعب المصري الذى عبرت عنه هذه الأحداث الثلاثة الذى كان الفاعل الأساسي فيها نفس الشريحة الاجتماعية المتمثلة فى حركات الشباب وتحديدا الطلاب متجاوزين فى ذلك كافة الهياكل والمؤسسات السياسية الرسمية التى أصابها نوع من العفن السياسي والشلل الحركي وغيبوبة فكرية عميقة.

فبراير 1946

من أرشيف الشروق

أغاني وأناشيد سيد درويش كانت سلاحا يحمله الوجدان والوعي الجمعي للشعب المصري من ثورة 19 الى فبراير 46 وحتى الان

ذروة أحداث هذا الشهر كانت فى يوم 21 فبراير 1946 عندما خرج ألاف الطلاب من جامعة القاهرة الحالية رافعين شعارات وهتافات ضد فساد السياسات وهيمنة القوى الاجنبية على مقاليد الأمور فى مصر ومطالبين بالحريات السياسية والديموقراطية وان يتولى المصريون امور انفسهم وازاحة مجموعات تحالف رأس المال والمحتل الاجنبي والقصر. للأسف الشديد لم الاحظ أي اشارة أو تذكير باحداث يوم 21 فبراير 1946 والذي اصبح منذ هذا التاريخ يعرف باسم يوم الطالب العالمي باستثناء مقالة كتبها الدكتور عماد الدين ابو غازي وهو بالاضافة الى موقعه الوظيفي ومساهماته المعروفة فى الشأن العام باحث فى علم التاريخ وله كل الشكر لتذكيره بأحداث والسياق التاريخي لهذا اليوم اليوم العالمي لمناهضة الاستعمار وهو العنوان الذي اختاره لهذا المقال – انظر عدد صحيفة الشروق 21 فبراير أو طالع المقال عبر الرابط التاليhttp://www.shorouknews.com/ContentData.aspx?id=184610 – النتائج السياسية لهذا اليوم لم تقتصر على استقالة رئيس الوزراء والتفاعلات السياسية الأخرى التى شهدها المجتمع المصري فى هذا الشهر ولكنها كانت بتفاعلها مع العوامل الاقتصادية والاجتماعية التى كانت سائدة فى هذا الوقت شكلت المقدمات الموضوعية لتغيير نظام الحكم من النظام الملكي الى النظام الجمهوري وما حدث فى يوليو 1952 بعد سلسلة من الاحداث والاضطرابات السياسية شملت اغتيالات لشخصيات سياسية منها رئيس الوزراء النقراشي ومؤسس جماعة الاخوان المسلمين حسن البنا مرورا بحريق القاهرة ومقاومة رجال الشرطة لقوات الاحتلال فى الاسماعيلية فى يناير 1952 .

فبراير 1968

جامعة القاهرة معقل الحراك السياسي والوطني

أغاني الشيخ امام كانت مع شباب فبراير 68

بعد أقل من عقدين خرجت نفس الشريحة الشابية من طلاب جامعة القاهرة فى فبراير 1968 والتقت مع شريحة اجتماعية اخرى خرجت فى نفس الوقت من منطقة حلوان متمثلة فى مجموعات من عمال مصانع هذه المنطقة الصناعية وانطلقت حركة فبراير 68 رافعة شعارات ومطالب الكثير منها رفعته حركة فبرابر 46 على الرغم من تغير النظام السياسي واعادة تشكيل التركيب الاجتماعي المصري. ربما يمكن تفسير ذلك بأن ثمة مشترك أساسي لم يتغير بين فبراير 46 وفبراير 68 وهو هيمنة مجموعة محدودة العدد على مقاليد أمور الحكم مع استبعاد متعمد للمشاركة الحقيقية للشعب المصري فى اختييار وممارسة السياسات التى تعبر عن مصالح الاغلبية من مجموعاته المختلفة عبر حياة ديموقراطية حرة وشفافة. لقد تغيرت الاقلية التى كانت تتحكم فى السلطة والثروة بين فبراير 46 وفبراير 68 لكن فى كلا الحالتين ظلت المشاركة الشعبية مستبعدة وكان غياب الديموقراطية من اهم اسباب انهيار نظام يوليو مع نتائج هزيمة حرب يونيو 67 . وكما كان فبراير 46 مقدمة لتغيرات سياسية واجتماعية عميقة شهدت أحداث من العنف السياسي والاجتماعي شملت الاغتيالات السياسية مثل اغتيال النقراشي رئيس الوزراء وحسن البنا مؤسس ومرشد جماعة الاخوان المسلمين مرورا بحريق القاهرة ومقاومة رجال الشرطة لقوات الاحتلال البريطاني فى الاسماعيلية يناير 1952 .- كان فبراير 68 مقدمة لتغيرات نوعية فى أليات وفعالية الحراك السياسي الاجتماعي فى مصر. لم تكن الحركات الطلابية فى يناير 1972 وماسبقها فى نوفمبر 68 وديسمبر 1971 الا النتائج الموضوعية لحالة الحراك التى ولدتها انتفاضة فبراير 68 واستمرت حالة الحراك هذه تتصاعد وهى ترفع نفس المطالب السياسية بجانب تحرير الارض ولم تتوقف هذه الدورة من الحراك الا مع حرب اكتوبر 1973 والتى كانت بشكل ما احد المطالب الرئيسية لهذا الحراك الذي انطلق فى فبراير 68 .

تفاصيل وتطورات أحداث فبراير 68 تم نشرها فى عدد مارس 2008 من خان الخليلي بمناسبة مرور اربعين عاما على انتفاضة فبراير 1968 ويمكن لمن يريد ان يطلع على مزيد من التفاصيل ان يرجع الى أرشيف خان الخليلي – وعبر الرابط التالي http://khanelkhalili.blogspot.com/2008_03_01_archive.html

فبراير 2010

ربما يتبادر الى الذهن سؤال منطقي هو : هل ما يشهده المجتمع المصري الان فى فبراير 2010 يمثل دورة جديدة من دورات فبراير فى التاريخ المصري؟ هل يمكن ان يكون للمصادفة الموضوعية دورا فى التاريخ؟

لقد وضعنا عنوانا لهذ الموضوع هو ابستمولوچيا التاريخ ولم يكن ذلك من قبيل استخدام المصطلحات العلمية ذات الرنين وانما لمحاولة تحديد عن ماذا نتحدث. ذلك ان المصطلحات بل والمفاهيم المفترض انها تحمل نفس المعنى عند من يستخدمها خصوصا ممن يتصدون لقضايا ذات طابع فكري او بحثي / لكن مانراه من كتابات يعكس الى حد كبير درجة كبيرة من الخلط والاستخدام السهل لمصطلحات كثيرة تم تفريغها من المفاهيم والمعاني التى تعبر عنها.

التاريخ هو ما حدث. التأريخ كتاية أو اعادة كتابة ما حدث بما يتضمنه ذلك من تداخل الموضوعي مع الذاتي ومدي احترام قواعد الدراسة فى مناهج وأدوات البحث العلمي. ثم ياتي دور فلسفة التاريخ وفى هذا المجال يصبح التاريخ أى الاحداث كما يصبح التأريخ أى كتابة وتفسير هذه الاحداث مادة للتأمل الابستمولوچي أو المعرفي وكما فى كل مجالات التفكير الفلسفي فان التجريد واستخلاص

القواعد والمفاهيم التى تحكم الظواهر الطبيعية والبشرية يكون هو موضوع الدراسة والاهتمام.

عاد محمد البرادعي الى القاهرة يوم الجمعة 19 فبراير 2010 . ولم تكن مجرد مصادفة ان تكون القوى الرئيسية التى دعت وتحركت وذهبت لاستقبال البرادعي هى نفس القوى من نفس الشريحة الاجتماعية الشبابية التى خرجت وتحركت فى فبراير 1946 وفبراير 1968

ومن المفيد قراءة تحليل حسن نافعة فى صحيفة المصري اليوم عدد 21 فبرايرمصر تبحث عن طريق ثالث للاطلاع على المقال اذهب الى الرابط http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=244731&IssueID=1688

.ربما تكون مجرد مصادفة موضوعية ان يقع هذا الحدث فى شهر فبراير ولكن بما اننا نتحدث عن فبراير فى التاريح المصري من خلال احداث محددة كانت بمثابة مقدمات لاحداث اخرى ونتائج ترتبت عليها يحق لنا اذن ان نطرح افتراض ان ما اصبح يعرف بظاهرة البرادعي تتلاقى مع ظاهرة فبراير فى التاريخ المصري التى عرضنا لمثالين لها من خلال فبراير 1946 وكذلك فبراير 1968 كنموذجين لحراك سياسي خارج قنوات وأطر النظام القائم فى ذلك الوقت وما ترتب على ذلك من أحداث نعرفها جميعا

لم يكن من قبيل الصدفة كذلك ان يكون حديث الاستاذ محمد حسنين هيكل يوم الخميس 18 فبراير الماضي عن أحداث فبراير 1968

لقراءة حديث هيكل فى جريدة الشروق اذهب الى الرابط التالي

http://www.shorouknews.com/ContentData.aspx?ID=184094

وبصرف النظر عن روايته لهذا الحدث أى تأريخه لما حدث ووضوح تداخل الذاتي مع الموضوعي الا انه قد استخلص نتيجة هامة وهى ان ما حدث فى فبراير كانت له ولاتزال له نتائج وتداعيات هامة. هل يؤكد فبراير 2010 وعودة البرادعي وما يتوقعه الكثيرون من تصاعد فى الحراك السياسي الاجتماعي فى مصر؟ هل نشهد نتائج وتداعيات فبراير 2010 خلال الفترة القليلة القادمة؟ ان حكمة التاريخ أو فلسفة التاريخ لاتخطئ

الى اللقاء فى موضوعاتنا القادمة