خان الخليلي أرشيف الذاكرة الجمعية المقاومة للكذب والتشويه... ذاكرة المكان والزمان...ذاكرة تتداخل فيها الصورة مع الكلمة ويتفاعل فيها العام مع الخاص فى محاولة لفهم ماحدث ومايحدث فى مصر
KHAN ELKHALILI
lundi, février 20, 2006
vendredi, février 10, 2006
ARCHEOLOGIE DE LA MEMOIRE تضاريس الذاكرة
حارة نجيب محفوظ
Collection Lenhert & Landrock
***
Photos
Darwish El Halwagy
لقطات من الحي الذي دارت فيه احداث ملحمة اولاد حارتنا
عدسة درويش الحلوجي
لإعادة نشر أي من الصور لابد من الاشارة الى المصدر
عدسة درويش الحلوجي
***
فى انتظار عرفة 2
من فتوة حارتنا؟ مضى الناس يتساءلون عنه مذ رقد سعد الله فى قبره. وأخذ كل فريق يزكي رجله. فآل جبل قالوا إن يوسف أقوى فتوات الحارة وأوثقهم نسبا بالجبلاوي. وقال آل رفاعة إنهم حي أنبل من عرفته الحارة فى تاريخها، الرجل الذي دفنه الجبلاوي فى بيته وبيديه. وقال آل قاسم انهم هم الذين لم يستغلوا النصر لصالح حيهم ولكن لصالح الجميع فكانت الحارة على عهد رجلهم وحدة لا تتجزأ يسودها العدل والأخوة. وكالعادة بدأت الخلافات همسا فى الغرز، ثم تطايرت فى الجو فثار الغبار وتحفزت النفوس لشر مهلك. ولم يعد فتوة يسير بمفرده، وإذا سهر فى قهوة أو غرزة أحاط به الاتباع مدججين بالنبابيت. وراح كل شاعر يدعو بالرباب الى فتوة حيه. وتجهم أصحاب الدكاكين والباعة وكدر التشاؤم وجوههم. وتناسى الناس موت الجبلاوي ومقتل سعد الله بما ركبهم من هم وتوجس للخوف، وحق لأم نبوية بياعة النابت ان تقول بأعلى صوت: 1
... قطعت العيشة ويابخت من كان الموت نصيبه
وذات مساء ترامى صوت من فوق سطح بحي جبل وهو يصيح: 1
يا أولاد حارتنا، اسمعوا واجعلوا العقل حكما بيننا وبينكم، حي جبل اقدم أحياء الحارة، وجبل أول رجالها الكرام، فلا مذلة لأحد اذا ارتضيتم يوسف فتوة لحارتكم
فتعالت أصوات الاستهزاء من حيي رفاعة وقاسم، مصحوبة بقذائف السب واللعن، ومالبث ان تجمع الصغار امام الربوع وراحوا ينشدون: 1
يايوسف ياوش القمله مين قلك تعمل دي العمله
collection Lenhert & Landrock
عدسة درويش الحلوجي
واشتدت القلوب غلظة وسوادا. ولم يؤجل وقوع الكارثة الا ان التناحر كان يقوم بين ثلاث قوى متضادة معا، وانه كان لابد من ان يتحد حيان أو ان ينسحب حي مختارا. ووقعت احداث بعيدا عن الحارة ذاتها. فقد التقى بائعان فى بيت القاضي، أحدهما من جبل والاخر من قاسم، فاشتبكا في معركة حامية فقد فيها القاسمي اسنانه والجبلي عينا. وفي حمام السلطان نشبت معركة اخرى بين نسوة من جبل ورفاعة وقاسم وهن عرايا فى المغطس فانغرست الاظافر فى الخدود والأسنان فى السواعد والبطون والأيادي فى الضفائر، وتطايرت الاكواز وأحجار الحك والياف التدليك وقطع الصابون، وانجلت المعركة عن اغماء امرأتين واجهاض ثالثة وبض أجساد لاحصر لها بالدم. وعند ظهيرة اليوم نفسه، عقب عودة المتعاركات تباعا الى الحارة، استؤنفت المعركة من جديد من فوق الاسطح، واستعمل فيها الطوب والسباب الفاحش، وسرعان ما امتلأت سماء الحارة بالقذائف وارتفع صراخها الى السحاب. واذا برسول من قبل الناظر يتسلل خفية الى يوسف فتوة جبل ويدعوه الى مقابلة الناظر. وحرص الفتوة على ان يقابل الناظر دون ان يدري به أحد. واستقبله الناظر بلطف وطلب اليه ان يعمل على تهدئة الخواطر فى حيه وبخاصة ان ذلك الحي هو التالي موقعه لبيت الناظر. وعندما صافحه مودعا قال له إنه يتمنى ان يقابله فى المرة الآتية وهو فتوة الحارة كلها! وخرج الرجل من بيت الناظر ثملا بتأييده الصريح له، وآمن بأن الفتونة باتت فى متناول يديه. وما لبث ان ألزم حيه بالنظام. وتهامس الناس فى حيه بما يدخره الغد لهم من سيادة وجاه. وتسربت من حيهم الأنباء الى بقية الحارة فهاجت الخواطر. ولم تمض أيام بعد ذلك حتى تقابل عجاج والسنطوري سرا فاتفقا فيما بينهما على القضاء على يوسف من ناحية، ثم على الاقتراع على الفتونة بعد النصر من ناحية أخرى. وعند فجر اليوم التالى تجمع الرجال من آل قاسم ورفاعة فهاجموا حي جبل، فدارت معركة شديدة، لكن يوسف وكثرة من اتباعه قتلوا وهرب الباقون، وأذعن آل جبل للقوة يائسين. وحدد العصر لاجراء القرعة المتفق عليها. وعند العصر هرع القاسمية والرفاعية رجالا ونساء الى رأس الحارة امام البيت الكبير، وامتدت جموعهم جنوبا حتى بيت الناظر وشمالا حتى بيت الفتوة الذي سيصبح ملكا للفائز بالقرعة. وجاء السنطوري وعصابته كما جاء عجاج وعصابته فتبادلوا تحيات السلام والتعاهد. وتعانق عجاج والسنطوري امام الجميع ، وقال عجاج بصوت سمعه جميع المتطلعين: 1
انا وانت أخوان، وسنبقى أخوين فى جميع الأحوال
فقال السنطوري بحماس: 1
على الدوام ياسيد الجدعان ! 1
وقف الحيان متقابلين، يفصل بينهما فراغ أمام مدخل البيت الكبير. وجاء رجلان _ أحدهما من قاسم والآخر من رفاعة_ بمقطف ملئ بالقراطيس فوضعاه وسط الفراغ ثم تقهقر كل الى قومه. وأعلن على الجميع ان القادوم هو رمز عجاج وان الساطور هو رمز السنطوري، وانه وضعت نماذج مصغرة منها فى القراطيس مناصفة. وجيء بغلام ليأخذ_وهو معصوب العينين_ من المقطف قرطاسا. مد الغلام يده فى صمت متوتر ثم استردها بقرطاس. فتحه وهو مايزال معصوب العينين وتناول ما فيه ورفع به يده فهتف القاسمية: 1
الساطور..الساطور
مد السنطوري الى عجاج يده فتناولها الآخر وشد عليها باسما. وتعالى هتاف حار: 1
يعيش السنطوري فتوة حارتنا
collection Lenhert & Landrock
ومن صفوف الرفاعية تقدم رجل الى السنطوري مفتوح الذرعين، ففتح له السنطوري ذراعيه ليعانقه، لكن الرجل الآخر طعنه بسكين فى قلبه بمنتهى القوة والسرعة. سقط السنطوري على وجهه قتيلا. سيطر الذهول لحظة ثم انفجر الصياح والوعيد والغضب. وتلاقى الحيان فى معركة دامية قاسية. لكن لم يكن يوجد فى القاسمية من يستطيع الوقوف امام عجاج، فسرعان ما نفذت الى قلوبهم الهزيمة، وسقط من سقط، وجرى من جرى، ولم يجيء المساء حتى كانت الفتونة قد تقررت لعجاج. وبينا ضج حي قاسم بالعويل، انطلقت الزغاريد من حي رفاعة، وراحوا يرقصون فى الطريق حول فتوتهم_ فتوة الحارة_ عجاج. وإذا بصوت يرتفع فوق الزغاريد صائحا: 1
هس ، اسمعوا ياغنم ! 1
تطلعوا الى مصدر الصوت فرأوا يونس بواب الناظر يسير بين يدي الناظر نفسه الذي جعل يتقدم فى هالة من خدمه. مضى عجاج نحو موكب الناظر وهو يقول: 1
محسوبك عجاج فتوة الحارة وخادمكم ! 1
حدجه الناظر بنظرة ازدراء وقال فى الصمت الرهيب الذى غشي الحارة جميعا: 1
ياعجاج، لا أريد في الحارة فتوة ولا فتونة ! 1
ذهل رجال رفاعة، وماتت على شفاههم بسمات الظفر والطرب، وتساءل عجاج فى دهشة: 1
ماذا يقصد حضرة الناظر ؟! 1
فقال الناظر بقوة ووضوح: 1
لانريد فتونة ولا فتوة، دعوا الحارة تعيش فى أمان
فهتف عجاج ساخرا: 1
أمان!؟ 1
فسدد الناظر نحوه نظرة قاسية لكن الآخر تساءل فى تحد: 1
ومنذا يحميك أنت؟! 1
عدسة درويش الحلوجي
وإذا بالقوارير تنهال من ايدي الخدم على عجاج وأعوانه، ودوي الانفجارات يزلزل الجدران، وشظايا الزجاج والرمال تصيب الوجوه والاطراف وتفجر الدماء. وانقض الفزع على النفوس كما تنقض الحدادي على الفراخ، فطاشت العقول وسابت المفاصل. وسقط عجاج وأعوانه فأجهز الخدم عليهم. وتعالى الصوات فى حي رفاعة، وزغاريد الشماته فى جبل وقاسم. وتوسط يونس الحارة داعيا الجميع الى الانصات حتى ساد الصمت، ثم صاح قائلا: 1
يا أولاد حارتنا، جاءكم السعد والأمان بفضل حضرة الناظر أطال الله بقاءه، فلا فتوة يذلكم او يغتال أموالكم بعد اليوم
وارتفعت اصوات الهتاف الى السماء
***
صورة من الحي
عدسة درويش الحلوجي
jeudi, février 09, 2006
أولاد حارتنا فى انتظار عرفة
درب قرمز
الكتاب
DARB QERMEZ
AL KOTAB
***
الشيخ عثمان
وجه من وجوه الحي